بناء أسرة قوية متماسكة والحفاظ عليها هدف يستحق التخطيط له، وبذل الجهد من أجله، والمرأة يمكنها المشاركة في تحقيق هذا الهدف من خلال ما يلي:
ـ وضع قواعد وأنظمة:
كثيرا ما يستغل الأطفال فرصة إنشغال الآباء بأعمالهم الخاصة لضرب إخوانهم أو أخواتهم أو الصياح والصراخ والقفز على أثاث المنزل، وغير ذلك من السلوكيات المزعجة، ولإيقاف مثل هذه التصرفات يجب أن تكون هناك قواعد أخلاقية مغروسة لدى الطفل تمنعه من القيام بالتصرفات غير المقبولة، حتى ولو كان الوالدان يشغلهما عمل هام، وفي هذا الخصوص فإنَّ القواعد العائلية تساعدك كثيرا ًفي تربية أبنائك.
وعلى عكس ما يجعلك الأطفال تعتقدين فإنهم يحبون القواعد والقوانين بالرغم من أنَّهم لن يعترفوا بذلك، إذ يشعر الأطفال أكثر بالطمأنينة والأمان والحب في وجود القواعد العائلية. وعند وضع هذه القواعد والالتزام بها فإنَّ الأطفال يعرفون ما هو متوقع عند إتباعها أو مخالفتهم لها، فإذا علم الطفل أنَّه إذا صرخ أو أحدث صوتاً عالياً أثناء حديث والدته بالهاتف سيُرسل إلى غرفته للبقاء لمدة خمس دقائق فإنَّه سيتعلَّم ألا يصرخ أو يحدث صوتاً عالياً.
إعلمي أن من أكثر الأشياء صعوبة على الإنسان -لاسيما الأطفال- المحافظة على الإلتزام بمبدأ أو قاعدة معينة، وقد لا يحب الأطفال القواعد ولكن بمرور الزمن سيحترمونها ويلتزمون بها، ويشعرون بالطمأنينة والأمان عند وجودها.
ـ بناء القيمة الذاتية لكل فرد في العائلة:
الأم في غمرة أعمالها ومسئولياتها كثيرا ما تهمل زوجها أو أحد أطفالها ولا تمنحه الرعاية الواجبة، ممَّا قد يحبطه أو يؤثر على سلوكياته، وهذا نموذج لإهمال إحتياجات أحد أفراد العائلة.
إعلمي أن كل فرد من أفراد أسرتك يحتاج أن يشعر بأنَّ له قيمة، فأزواجنا يحتاجون إلى الحب والإهتمام والتعاون والتشجيع لتحقيق ذاتهم المهنية، وأطفالنا يحتاجون العطف والرعاية والتوجيه، وأن نشاركهم مناسباتهم المختلفة وأنشطتهم المدرسية، كما يحتاجون منا أن نمدحهم أمام الآخرين في حالة تميزهم. هذه الأشياء تساعد في بناء القيمة الذاتية للطفل، وأكثر الأشياء أهمية أن يجد الأطفال منَّا الوقت والإهتمام والإستماع إليهم.
ـ وضع الأهداف التي يمكن تحقيقها:
توجد أنواع مختلفة من العائلات، فهناك عائلة مكوَّنة من أب وأم فقط، وأخرى من أب وأم وأبناء، كما توجد العائلة الممتدة التي تضم الأباء والأجداد، وبغض النظر عن حجم أو شكل عائلتك فإنَّك بحاجة للتخطيط ووضع أهداف تسعين لتحقيقها مع أسرتك، فالأشخاص الذين لهم نفس القيم ويعملون مع بعضهم لتحقيق هدف مشترك يتعلَّمون الحب لبعضهم البعض وروح العمل الجماعي والتعاون والانسجام، وبدون أهداف مشتركة للعائلة، فإنَّ كل فرد فيها سيتخبَّط في طريقه وقد يحدث الفرقة والشقاق، فإحرصي ألا تجعلي هذا الوضع يحدث لعائلتك، وإشرعوا في وضع أهداف مشتركة تحقق أكبر قدر من السعادة لجميع أفراد الأسرة.
فيما يلي بعض الأمثلة للأهداف التي يمكن وضعها في العائلة:
* توفير أموال لأداء فريضة الحج أو قضاء عمرة.
* توفير أموال لقضاء إجازة مشتركة للعائلة.
* تنظيف أو تحديث جزء مهمل من المنزل.
* إختيار مشترك لمنزل جديد، أو سيارة جديدة.
* العمل المشترك لمساعدة أحد أفراد الأسرة في موضوع مستعص.
* إختيار الأهداف التي يمكن أن تتحقق.
ـ أنشطة العائلة:
حددي فترات لقضاء أوقات سعيدة مع زوجك وأطفالك، وإذا لم تكوني متزوجة بإمكانك قضاء هذه الأوقات مع عائلتك، فأكثر الأوقات راحة هي تلك التي تتبادلين فيها الأحاديث مع والديك وإخوانك وأخواتك في تجمعات العائلة.
خططي لأنشطة العائلة وشاركي أفرادها في الأعياد والمناسبات، وشاركي أيضا في تدعيم الروابط الأسرية كجمع العمات والخالات والأعمام والأخوال في حفلات للعشاء أو لتناول المرطبات والحلويات أو لمناقشة بعض الأمور العائلية، ولا شك أن لقاء الأطفال بأقاربهم سيمنحهم صداقات وذكريات سعيدة.
ويمكنك تحديد ليلة أسبوعياً تجمَّعين فيها أفراد عائلتك، وتقومين بسرد حكايات وقصص، أو قراءة أجزاء من كتاب، أو التشاور وتبادل الآراء مع زوجك وأطفالك، مع مراعاة إظهار المودة التي بينك وبين زوجك أمام أطفالك، فهذا الإحساس يمنحهم الشعور بالأمان والطمأنينة وأن منزلهم مكان تطيب فيه الحياة.
استفيدي من الليالي العائلية لتقويم مستوى التقدم في تحقيق أهداف العائلة وكذلك في وضع خطط لأعمال مقبلة.
ـ إكتشاف مواطن القوة والضعف:
يحرص كثير من الآباء والأمهات على التحاور والنقاش مع أطفالهم حول أعمالهم المدرسية وأصدقائهم وأمالهم وطموحاتهم، وبالطبع فإنَّ هذا الحديث لا يأخذ شكل أو أسلوب الإستجواب. فتعلمي كيف تكتشفين المواهب الكامنة في أطفالك وساعديهم في استغلال مواهبهم في تحقيق أهدافهم المشروعة.
كذلك حاولي أن تعرفي مواطن الضعف في أطفالك كي تتمكَّني من تقديم المساعدة لهم، فعلى سبيل المثال بعض الأطفال يحبون المنافسة وبعضهم لا يحبونها، لذلك لا يستقيم أبداً أن ندفع طفل لا يحب المنافسة إلى أن يشارك -ضد رغبته- في رياضة تتطلب درجة عالية من المنافسة.
بعض الآباء يحبون أن يعيشوا حياتهم من خلال حياة أبنائهم، ويدفعونهم إلى إحياء أيام مجدهم السابقة، وهذا الوضع قد ينجح مع بعض الأبناء، غير أنَّه قد يحطِّم القيمة الذاتية لدى أطفال آخرين.
فتعلمي معرفة مواطن القوة والضعف لدى جميع أفراد أسرتك لتساعديهم على تطوير مواهبهم، واعلمي أن هذا لن يساعدهم فقط لبناء قيمهم الذاتية، وإنما يوضح أيضا حبك الكبير لهم وحرصك عليهم.
المصدر: موقع المختار الإسلامي.